السبت، 9 فبراير 2013

قلعة صلاح الدين الأيوبي تحرس القاهرة منذ ألف عام




تمثل قلعة صلاح الدين الأيوبي واحدة من أهم المزارات السياحية في مصر، لما تحتويه من قصور ومساجد داخل نطاق القلعة تنتمي إلى عصور مختلفة من الفن الإسلامي، وتمتاز بالتنوع وبدعة الصنعة ودقتها، وتمثل سجلا لتاريخ البلاد لأكثر من 7 قرون كانت خلالها القلعة بيت الحاكم الذي يتولى شؤون البلاد.


على ربوة عالية بجوار جبل المقطم في شرق القاهرة، قرر القائد صلاح الدين الايوبي أن يبني قلعة تطل على القاهرة لتحميها من أي غزو خارجي، وحفظ هذا التاريخ على باب القلعة «المدرج» بنص تاريخي جاء فيه بعد «البسملة»: "أمر بإنشاء هذه القلعة الباهرة المجاورة لمحروسة القاهرة، التي جمعت نفعا وتحسينا، مولانا الملك الناصر صلاح الدنيا والدين"، وهكذا وصفت القلعة في زمان بنائها بالباهرة، وذلك قبل أن تعمر من الداخل بالعديد من القصور والمساجد قديما والمتاحف حديثا، وتصبح مقرا للملوك والسلاطين الذين حكموا مصر على مدى7 قرون مضت، وواحد من أهم المزارات السياحية في القاهرة.

حكاية قلعة
مر على القلعة الكثير من الأحداث التاريخية، وشهدت أسوارها العديد من المعارك، وحيكت في جوانبها العديد من المؤامرات اما لاستقرار ملك أو لانتزاعه، وكانت تمرّ بها عصور من الازدهار وأخرى من الاضمحلال تبعا لقوة الحاكم وأعدائه، وانعكس هذا على إضافة كل حاكم للقلعة التي يسكنها ويطل منها على شعبه ورعيته، ليرتبط كل مسجد أو قصر أو برج أو بوابة داخل القلعة باسم واحد من هؤلاء الحكام، وإن ظل المكان ككل مرتبطا باسم أول من فكر في بنائه السلطان ولقد كان السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وذلك على ربوة الصوة في عام 1176، حيث قام وزيره بهاء الدين قراقوش الأسدي بهدم المساجد والقبور التي كانت موجودة على الصوة لكي يبني القلعة عليها، ونحت العمال الصخر ليصنعوا خندقا، يفصل جبل المقطم عن ربوة «الصوة» ما يزيد من مناعتها وقوتها، ويسخر آلاف من أسرى الحملات الصليبية لبناء القلعة، ولكن يموت صلاح الدين قبل أن يكتمل بناؤها ليتم العمل من بعده أخوه الملك العادل، من أسوار وأبواب ويأتي من بعده أخوه الملك الكامل ليكمل الأبراج إلى 18 برجا تحيط بالقلعة يختلف كل منهم عن الآخر من حيث الشكل والحجم.

المسجد الكبير
تحتوي القلعة على العديد من الأبنية التراثية، ومن أهمها مسجد الناصر محمد بن قلاون، الذي تبلغ مساحته أكثر من 3آلاف متر مربع، ويتسع لـ 5آلاف مصلي، وأرضيته من الرخام، وسقفه مزين بالنقوش المذهبة، وله مأذنتان ومقصورة تحيط بالأروقة، واربعة اواوين تحيط بالصحن المكشوف، أكبرها إيوان القبلة، وفي المسجد قبة كبيرة حملت على أعمدة ضخمة من الغرانيت الأحمر، ويحتوي المسجد على العديد من شغل النقش على الخشب الذي تميز به عصر الايوبي، وكذلك الرخام الملون المدقوق بزخارف دقيقة.

مسجد محمد علي
يعد مسجد محمد علي من أكثر مساجد القلعة شهرة لما ينفرد به من مميزات معمارية وفنية نادرة أولاها مئذنتاه الشاهقتان ويبلغ ارتفاعهما حوالى 84 مترا و80 مترا آخرين فوق ارتفاع القلعة المشيد عليها الجامع، وبهذا يصل ارتفاع المئذنتين إلى حوالى 164 مترا، كما يتوسط المسجد نجفة هائلة مزودة بـ 365 مشكاة بعدد أيام السنة، كما كسي المسجد بنوع نادر من الرخام يسمى المرمر لذلك اطلق على المسجد جامع المرمر، وكان محمد علي باشا يفكر في بناء جامع كبير في القلعة لأداء الفرائض وليدفن به بعد مماته، وبدأ العمل فيه عام 1830م، بعد أن صممه المهندس التركي "يوسف بوشناق"، الذي وضع تصميمه على غرار جامع السلطان أحمد في الآستانة مع بعض التغييرات الطفيفة، واستمر العمل به حتى ممات محمد علي باشا عام 1848م فدفن به وأتم زخارفه ابنه عباس باشا الأول، وينقسم المسجد إلى قسمين، الشرقي منهما مخصص للصلاة به قبة قطرها 21 مترا، وارتفاعها 52 مترا من أرضية الجامع، ومحمولة على أربعة عقود كبيرة، محمولة بدورها على أربعة أكتاف مربعة، يحيط بها أربعة أنصاف قباب، بالإضافة إلى نصف قبة في مستوى أقل تغطي المحراب، اما الجزء الغربي فيوجد به الصحن وتتوسطه فسقية للوضوء.

قصر الجوهرة
في الطرف الجنوبي الغربي للساحة الملكية أو الحوش السلطاني، يقع قصر الجوهرة، الذي شيّده والي مصر محمد علي، وأطلق عليه اسم كان يدلل به زوجته "جوهر"، ويتكون القصر من طابقين يبدأ بالمدخل الرئيس، وعلى يسار هذا المدخل أبنية كثيرة تعلوها أبنية أخرى تسودها البساطة، وبنهاية المدخل في الناحية الشمالية الشرقية حجرة مستطيلة لها سلم مزدوج يوصل إلى الميدان وكان هذا الجناح مخصصا لموظفي القصر أو من كانوا يعرفون باسم "ديوان الخاصة"، ويزين القصر بأرقى فنون الزخرفة العثمانية سواء بالخشب أو بألواح الجص أو من الألوان والرسوم والنقوش، وبقي القصر يحتفظ بحظوته حتى حوّل منذ سنوات إلى متحف للتراث الإسلامي واصبح يزين العديد من التماثيل التي تمثل حالة والي مصر والرعية.

المتاحف
يوجد في القلعة عدد من المتاحف أهمها متحف الشرطة، الذي يضم أدوات الشرطة على مر التاريخ وسجل لأشهر المجرمين في مصر، بجانب أغرب البصمات التي جرى تسجيلها في أقسام الشرطة. كما يوجد المتحف الحربي الذي يحتوي على عدة قاعات مثل قاعة المجد، التي تحتوي على كل الأحداث التاريخية لمصر منذ العصر الفرعوني حتى حرب السادس من أكتوبر، وهناك عدة اجنحة في المتحف تعرض للفن الفرعوني، والإسلامي، وهناك قاعات خاصة بالأسلحة والمدفعية، وبالحملة الفرنسية، كما توجد صالة للعرض المكشوف، بها أهم المعدات العسكرية من طائرات ودبابات كانت تستخدم في حرب أكتوبر.
تشتمل القلعة أيضا على متحف للفن الإسلامي عبارة عن حديقة أثرية تضم مجموعة من الأعمدة والتيجان والأبواب واللوحات التي تنتمي للعصور الاسلامية في مصر.

ليست هناك تعليقات: