السبت، 16 فبراير 2013

أسوان




لمائة عام مضت، ظلت أسوان الواقعة في أقصى جنوب مصر قبلة لكل زوار مصر من الشخصيات الشهيرة، خاصة في فصل الشتاء، لما عرف عنها بطبيعة خلابة، وطقس معتدل، ومزارات أثرية مبهرة، لتضع هذه المدينة الصغيرة نفسها في مصاف أهم المدن السياحية في العالم.

قال المؤرخ القديم هيرودوت ان العجائب التي في مصر قد أنعشت روحه.. والشمس قد أذابت الصلابة في عضلاته، وتشير البرديات الفرعونية إلى أن الكهنة كانوا ينصحوا المريض أن يبعد عن البيت والأسرة ومكان العمل ويذهب إلى الجنوب حيث الهدوء والدفء والجفاف وصفاء السماء.. وفي أقصى جنوب مصر تقع مدينة ساحرة يطلق عليها أسوان، عرفت قديما باسم «سونو» أي السوق، وذلك لموقعها كحلقة اتصال بين جنوب مصر وأفريقيا، ويوجد في أسوان 22 معبدا، أشهرها «كلابشة»، و«ابو سمبل»، وتمتاز بمناخها الجاف المعتدل، وشمسها الدافئة، والهدوء الذي يخيم على كل مكان فيها حتى الزوارق التي تنساب على صفحة النيل الذي يمر به في سكينة وجلال، ما جعل المدينة مشتي للمشاهير من كل أنحاء العالم.

مناخ مثالي

تقع أسوان على حدود مصر مع السودان، عند خط عرض 22 شمالا، على الشاطئ الشرقي للنيل حيث يقع جزء منها على السهل الذي يحف بالنيل، والآخر على التلال، التي تمثل حافة الهضبة الصحراوية الشرقية، وترتفع مدينة أسوان بمقدار 85 مترا فوق سطح البحر، ونسبة الأمطار بأسوان شبه معدومة، ما قلل نسبة الرطوبة بها إلى أقصى درجة، ليمثل جفاف هوائها مع سطوع شمسها على مدار العام مناخا مثاليا لعلاج أمراض الروماتيزم والالتهاب الشعبي والربو والتهاب الكلي المزمن وهو ما جعلها واحدة من أهم مزارات الاستشفاء في العالم، خاص للمشاهير في فصل الشتاء.

قصة حب شهيرة
وإذا كان هيردوت تحدث عنها قديما، فأن هناك قصة غرام جرت في أرضها حديثا تعد واحدة من قصص الحب الخالدة في القرن العشرين، وهي قصة أمير الطائفة الإسماعيلية، الأمير محمد أغاخان، عندما كان يأتي إلى مصر كل شتاء لزيارة مدينة أسوان للاستمتاع بشمسها الدافئة، وفي إحدى زياراته كانت العائلة المالكة في مصر تعد حفلاً لـ «إيفيت» ملكة جمال العالم القادمة من أوروبا في أسوان، ليقابلها «أغاخان» ويقع في هواها، ويتزوج بها بعد أن غيرت اسمها إلى «البيجوم أم حبيبة»، وتستمر زيارات «أغاخان» إلى أسوان مع زوجته كل شتاء، ويرتبط أكثر بالمدينة الجميلة التي شهدت قصة حبه، ليبني فيه مقبرة، يدفن فيها بعد موته، وتأتي من بعده زوجته كل عام في الشتاء أيضا، لتضع الورد الأحمر على مقبرته، وتوصي هي الأخرى بالدفن بجوار زوجها، وهو ما تحقق لها في عام 2000، لتكتب سطر النهاية لقصة حبهم، التي تحدث عنها العالم كله.

فندق المشاهيرعلى شاطئ النيل الشرقي، وفوق صخرة كبيرة من الجرانيت، أقيم في أسوان، منذ أكثر من 100 سنة، فندق «كتراكت» ذو الطابع الفيكتوري ليستقبل ضيوف مصر من ملوك أوروبا، الذين سيحضرون افتتاح سد أسوان، ومنذ ذلك التاريخ الذي استقبل فيه الخديوي عباس حلمي حاكم مصر وقتها وديوك كونت ابن الملكة فيكتوريا واللورد كرومر والشاب الإنجليزي ونستون تشرشل، الذي أرسى حجر الأساس لخزان أسوان، أصبح الفندق قبلة لكل مشاهير العالم في فصل الشتاء، لتحفل سجلات الفندق بأسماء مثل الملك فؤاد‏,‏ والملك فاروق‏,‏ والرؤساء عبد الناصر، والسادات، ومبارك‏,‏ وكذلك الزعماء الغربيون كارتر، وخروتشوف، ونهرو، وتيتو، وبوش الأب، وميتران، وديستان، وتاتشر‏,‏ والأمير تشارلز والأميرة ديانا، وكذلك العديد من الشخصيات العامة مثل أجاثا كريستي، الروائية الإنجليزية، التي كتبت روايتها الشهيرة «جريمة علي النيل» في الفندق.

ومن الطريف في الفندق أنه يطلق أسماء المشاهير على أجنحته‏, ‏كما يطلق أسماء بعضهم على بعض الأطباق الشهيرة التي تخصص في تقديمها للنزلاء‏,‏ فهناك طبق تشرشل، المكون من شرائح اللحم البقري على الطريقة المصرية‏,‏ وطبق الملك فاروق، المكون من حمام محشي بالفريك والقوانص.
مقاصد زوار أسوان عديدة خاصة في فصل الشتاء، بما جعلها قبلة للزوار ولا سيما المشاهير منهمن لما تحتوي عليه المدينة من معابد فرعونية، أهمها معبد أبوسمبل، المكون من معبدين تم نحتهما في الجبل على البر الغربي للنيل في الفترة ما بين عامي 1290 و1224 قبل الميلاد، وكذلك معبد معبد كلابشة، الذي يعود إلى عهد الإمبراطور الروماني أكتافيوس أغسطس، ويعد أكبر المعابد المشيدة من الحجر الرملي بالنوبة، وتحمل جدرانه نصوصا ونقوشا تمثل الأسطورة المصرية إيزيس وأوزوريس.

وتمثل الرحلات النيلية في أسوان سحر خاص للسائحين، حيث تنطلق مئات القوارب الشراعية في جولات وبرامج ترفيهية ممتعة، كما تبحر البواخر والفنادق العائمة في رحلات سياحية بين المدن الأثرية مثل الأقصر وأسوان. ويكتمل سحر أسوان لزوراها بما تحتويه من مراكز للعلاج الطبيعية، حيث تعالج رمال المدينة من أمراض مختلفة أهمها الروماتيزم والصدفية، ويقصدها العديد السائحين خاصة من شمال أوروبا.

ليست هناك تعليقات: